البشر فى رحلتهم فى الحياة مسافرون الي الله فإما ان يكونوا سائرين عن طواعية و حب لله واليوم الاخر فإلى نعيم ابدى وهم العابدون المحبون واما ان يكونوا صائرين مضطرين عن كره للقاء الله واليوم الاخرفإلى شقاء سرمدى وهم العاصون والعياذ بالله .
والانسان هوالذى اختارهذه الحرية من البداية عندما وافق على حمل أمانة التكليف أما باقى المخلوقات فقد اختارت الطريق السهل وهو الطواعية المطلقة قال تعالى{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (11) سورة فصلت وقال{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب إذن فالانسان لم ولن يجبر على اختيار طريق معين اوحتى دين محدد{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة اذ ارسل الله اليه الرسل من جنسه ليوضحوا له الطريق ثم جعل له الخيار فى النهاية واختتم رسالاته بسيدنا محمد (ص) { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة وقد قامت رسالة الاسلام على دعامتين أساسيتين هما الحب اولاً : حب الله وحب رسوله واتباع سنته {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (31) سورة آل عمران وقال الرسول (ص) أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم وأحبونى لحب الله . فإذا ما أحب العبدُ الله ورسوله احب بالتالى كل ما أمر به وكره كل ما نهى عنه وهذه المحبة سوف تثمرفى النهاية حب الله لنا وتوفيقه ايانا وزيادة هدانا ومغفرة اللمم من ذنوبنا
ثانياً: الحرية و تأمل حديث الرسول (ص) : عش ما شئت فإنك ميت وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزى به . فسوف تندهش من حجم هذه الحرية التى يمنحها الاسلام للمؤمن فهو لا يحجر على اعماله ولا يضع العثرات امام اى عمل يختاره بمحض ارادته سواء كان ذلك العمل خيرا او شراً لانه بكل بساطة محاسب عليه فى النهاية {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (7-
سورة الزلزلة وهو ايضا لم يفرض عليه حباً لشيئ محدد او شخص معين وانما قال له أحبب ما شئت ولكن تذكر ان الكل الى فناء ولن يبقى سوى الله الدائم{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (26-27 سورة الرحمن) فان أردت ان تكون من السعداء فلا تحب غيره وليس من الغريب على المتأمل ان يرى تنبؤات الرسول (ص) بمحاولة الانسان لاكتشاف الطرق التى تطيل عمره على الارض وهوأيضاً لم يمنعه من هذا الأمل ولكن ذكره بان طول بقائه فى هذه الحياة مع البعد عن الله لن يمنعه من لقائه فى الاخرة {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (95) سورة مريم فمن الواجب عليه ان يعد العدة لهذا اللقاء وليختر لنفسه .
واذا تمحض الحب لذات الله إختياراً وبمنتهى الحرية لا خوفاً من ناره ولا طمعاً فى جنته صار عشقاً وهو اعلى مراتب الحب فالله وان لم يخلق جنة او نارا أهل لان يعبد فيكفيه عز وجل خلقنا وما يغذونا به من النعم لمن تفكر منذ ان كنا اجنة فى بطون امهاتنا وحتى نلقاه يوم القيامة .
اللهم ارزقنا حبك وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا