أحرز دييجو مارادونا كأس العالم 1986، وقدم أداء رائعا لم يتكرر حتى يومنا هذا من نجمٍ لوحده على الإطلاق في أهم المسابقات الكروية، وعلى رغم ذلك لم يحرز ألقابا فردية كبيرة في ذلك الوقت، إلا لقب الأفضل في قارته أمريكا الجنوبية عامي 79 و80، أي قبل أن يحقق إنجازه الفردي الخارق بكثير.
ومنذ ذلك التاريخ والأرجنتين التي تعتبر من أكبر منابع الكرة في العالم تنتظر نجومها الكبار أن يصعدوا لأعلى منصات التتويج بعد أن حال نظام مسابقة فرانس فوتبول للفوز بالكرة الذهبية آنذاك؛ والقاضي بقصرها على نجوم القارة الأوروبية فقط دون حمل مارادونا للكرة الذهبية، على رغم أنه من المفارقات الغريبة أيضا أن مارادونا لم يتوج بلقب الأفضل في قارته في سنة الفوز بكأس العالم؛ لأنه كان يلعب في نابولي بينما ذهب اللقب للأورجوياني الزامندي.
ورغم تبدل الزمن وتغير المعايير وزيادة الاستفتاءات في الثورة التكنولوجية، فانطلقت مسابقة الاتحاد الدولي (فيفا) عام 91 والتي باتت تشغل نجوم العالم ليحجزوا مكانهم فيها، كما تم توسيع رقعة المنافسة للفوز بالكرة الذهبية لتتجاوز الحدود القارية إلى الحدود العالمية التامة اعتبارا من عام 95.
لكن انتظار الشعب الأرجنتيني لواحد من نجومه ليكون الأفضل طال أكثر من اللزوم، وزاد من ضيقهم أن نجوم الجارة اللدودة البرازيل تناوبوا في إحراز الألقاب تباعا من رونالدو إلى ريفالدو ثم رونالدينيو وأخيرا كاكا.
وظلت الأرجنتين بلا تتويج كبير، لدرجة ذهب البعض إلى الاتهام بأن الأمر مقصود، وخاصة عندما فاز الاسم الأرجنتيني الأبرز جابرييل باتيستوتا في التسعينيات بالمركز الثالث عام 1999، كما زاد من غيظهم أن بلدا مغمورا في عالم كرة القدم هي ليبيريا احتكرت الألقاب عام 95 عبر أسطورتها جورج ويا، ونجوم الأرجنتين يكتفون بالمنافسة ولو من بعيد..
وبدا وكأن شعب التانجو المتيّم بكرة القدم لينسى ربما جملة من المآسي السياسية والاقتصادية لا يزال يعيش تفاصيلها حتى يومنا هذا، ركز اهتماماته في السنوات الأخيرة على الاستفتاء القاري لأحسن لاعبي أمريكا الجنوبية، وخاصة مع إبداعات النجوم منذ مطلع القرن الحالي حينما فازوا باللقب خمس مرات، منها ثلاثية للمهاجم كارلوس تيفيز فباتوا يتفوقون على جيرانهم البرازيليين بفارق مرة واحدة.
لكن حماس هذا الشعب توقد من جديد مع موهبة الجيل الصاعد والفتى المعجزة ليونيل ميسي الذي أنهى صيام أجيال متعاقبة غابت عن إحراز الألقاب الكبيرة لبلد التانجو، إذا ما استثنينا فوز دي ستيفانو أسطورة الخمسينيات مرتين، ولكن تحت اسم إسبانيا.
فبعد أن كان منافسا شديدا في العامين المنصرمين فحل ثانيا وراء كاكا ومن ثم كريستيانو رونالدو، تفوق عليهما تماما وباكتساح لم يحصل من قبل في استفتاءات 2009 مستمدا نجاحاته الكبيرة مع فريقه برشلونة الإسباني الذي لم يترك في العام الذي يستعد لطي أوراقه الأخيرة لقبا لم يحصل عليه، فبات أول فريق على وجه المعمورة يحرز ستة ألقاب في موسم واحد بمساهمة استثنائية من ميسي، فكان لا بد له وأن يحظى بالإجماع على أنه الأفضل هذه المرة، ويصبح أول أرجنتيني يتوج رسميا بكل الاستفتاءات الكبيرة من الكرة الذهبية إلى جائزة فيفا، مرورا برابطة اللاعبين المحترفين ومجلة وورلد سوكر، بل ويقدم وداعا سعيدا لسنة كانت مليئة بالإخفاقات لكرة التانجو.
ورغم أن ميسي حقق ما لم يحققه أسطورته الحقيقية ومثله الأعلى مارادونا، لكن هذا الأخير كان من أكثر من فرحوا لميسي، متجاهلا بعض الاتهامات الفارغة لمن قالوا إن ميسي مهتم بكاتالونيته أكثر من أرجنتينيته، معتبرا أن ميسي يبقى الأمل الأول لديه ليرفع الكأس كلاعب بعد أن حملها كقائدن لعله بذلك يكرر ما فعله القيصر الألماني.