وحدي أنام علي ترابك
كفني عيني
بضوء من رحيق الفجر
من سعف النخيل
فلكم ظمئت علي ضفافك
رغم أن النيل يجري
في ربوعك ألف ميل
ولكم حملت الناي
في حضن الغروب..
ودندنت أوتار قلبـي
رغم أن العمر منكسر ذليل
لا تعجبي
إن صار وجه الشـمس
خفاشـا بعرض الكون
أو صارت دماء الصبح
أنهارا تسيل
فزماننا زمن بخيل
لا تسألي القنـاص عن عيني..
ولا قلـبي.. ولا الوجه النحيل
ولتنظري في الأفق
إن النهر يبكي
والخيول السمر
عاندها الصهيل
لا تسأليني
عن شباب ضاع منـي
واسألي القنـاص..
كيف شدوت أغنية الرحيل ؟
إني تعلمت الحنان علي يديك..
وعشت أحمل وردة بيضاء
كالعمر الجميل
الناي أصبح في الضلوع رصاصة
والوردة البيضاء..
في عيني قتيل
مدي يديـك إلي.. إنـي خائف
ولترحمي ضعفي
جنوني..
وارحمي الجسد الهزيل
<<<
وجهي ينام علي ترابك كفنيه
لا تتركيه لنشوة القناص..
حين يطارد العصفـور في سفه.. وتيه
لا تتركي الابن القتيل..
يموت موجوعا بنشوة قاتليه
ولترحمي وجهي
فكم صلي علي أعتابك
جناتـك الخضراء تلفظه
وينكره ترابك
لا تنـكريه فإن هذا الوجه
يحمل لون طينك..
حينما كانت خيول المجد
تركض في رحابك
لا تتركي عيني لشمس الصيف تأكلـها
فكم حملت بشائر أمنياتك
ولتستري جسدي
فكم نبتت علي أعشابه الخضراء
أحـلي أغنياتك
لا تتركيني في العراء
أصارع الغربان وحدي..
بعدما أكلوا رفاتك
<<<
إني حلمت ككل أطفال المدينة..
في ليالي العيد
وحلمت باللعب الصغيرة.. والحذاء..
وقطعة الحلوي
وبالثوب الجديد
وحلمت يوما..
أن أكون الفارس المغوار
يغرس في ربوعك
كل أحلام الوليد
زمن سعيد
وطن مجيد
أمل عنيد
لكنني أصبحت في عينيك..
كالطـير الشـريد
يساقط الزغب الصغير علي التراب
جناحي المكسور
ترصده البنادق من بعيد
لم تسألي العصفور
كيف يموت في فمه الغناء ؟
لم تسأليني كيف أهجر ثدي أمي
ثم تغرقني الدماء ؟
لم تسأليني
ما الذي جعل العصافير الصغيرة..
تكره الأشجار تأوي للعراء ؟
الجوع.. والحرمان.. والأمل اللقيط..
صقيع أيامي.. وأحزان الشتاء
فأنا غريب فيك..
لا أمل لديك.. ولا رجاء
الآن صدرك في عيوني
أضيق الأشياء
الآن وجهك في عيوني
أصغر الأشياء
الآن قلبك عن عيوني
أبعد الأشياء
حتـي الدعاء نسيته
حتي الدعاء
<<<
يا أيـها القناص
ثمن الرصاصة يشتري خبزا لنـا
وشبابنا قد سال نهرا من دماء بيننـا
لم لا يكون سياج أمن حولنا
هذا الوطن ؟
لم لا تكون ثماره ملكـا لنا ؟
لم لا يكون ترابه حقا لنـا ؟
يا أيها القناص.. أنظر نحونـا
ستري بطونـا خاويه
وتري قلوبا واهيه
وتري جراحا داميه
فالأرض ضاقت..
ليس لي فيها سند
والناس حولي
لا أري منهم أحد
حتـي الجسد
قد ضاق بي هذا الجسد
<<<
لم تسأليني قبل أن أمضي
لماذا غاب ضوء الشمس عن عيني
وأغرقني ظلامي ؟
لم تسألي جسدا هزيلا مات جوعا
كيف تأكلني عظامي ؟
لم تسأليني
ما الذي جعل الفراشات الجميلة
في جبين الفجر تبدو كالجراد ؟
لم تسأليني
ما الذي جعل الصباح
الأبيض المفتــون يكسوه السواد ؟
لم تسأليني
كيف تنبت في بلاد الطـهر
أزمنة الفساد ؟
لم تسأليني
كيف كان الماء
يجري فوق عيني..
ثم يقتلني العطش؟
لم تسأليني أينا أقـسي
وليد ضاق..
أم أب بطش ؟
لم تسأليني
ما الذي جعل اليمام يصير ثعبانـا..
ويشرب من دمك ؟
لم تسأليني
ما الذي جعل الشـعاع
الأخضر المنساب
يقتل أنجمك ؟
لم تخبرينـي
من إلي سوق النخاسة أسـلمك ؟
مازلت كالمجنـون في حزن أسائل:
هذي الحقول الخضر
كيف تكسرت فيها السنابل ؟
هذي العقول الخضر..
كيف تفجرت فيها القنابل ؟
<<<
إنـي أحبـك.. صدقيني
رغم أن الحزن في قلبي
مليك ظالم
فالسجن بيتي..
والأسي سلطاني
كم نمت واليأس العنيد يهزني
فإذا صحوت أراه في أجفاني
كم همت في صمت الشـوارع
أسأل القطط اللقيطة..
عن بقايا الخـبز.. عن عنـواني
كم طفت فوق موائد الطرقات
تلفظني الشوارع مرة..
ويعود يلقيني طريق ثان
لم تسأليني مرة..
من يا تري أبكاني ؟
لم تسأليني كيف أصبح
حزن هذا الكون من أحزاني
لم تسألي الوطن الجميل وقد نمت
في وجهه الأحقاد كيف رماني ؟
حقـي عليه رغيف خبز آمن
وكرامة الإنسان للإنسان
عبثت بنا أيدي الزمان.. وأظلمت
فينا القلوب.. وليلها أعماني
عمر لقيط.. وارتعاشة عاجز
وأنين بطن.. وانكسار أماني
تلك الرؤوس تهيم في أوكارها
ويصيدنا القناص كالفئران
فأنا شهيدك رغم أنـي عاشق
ودمي حرام.. واسألي سجاني
قد جئت يا أمي
لأطلب ثوب عرسي
من يديك بفرحتـي
أعطيتني.. أكـفـاني