بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
لقد كان يلقب بطاووس الملائكة لكثرة عبادته لم تكن الملائكة تعرف حقيقة هذا المخلوق حيث كانت تعده واحدا منها عبد الله لآلاف السنين ولتميزه في عبادته لقب بطاووس الملائكة أراد الله أن يبين للملائكة حقيقة ذلك العابد فخلق آدم ليكون خليفته في أرضه ولما أن عرف الله الملائكة بآدم أمرهم بالسجود له تسليما وامتثالا لأمره فسجدوا بأجمعهم إلا ذلك المخلوق إعترض على أمر الله تكبرا واستعلاءا على آدم متصورا أنه أفضل منه حيث خلقه من نار وخلق آدم من طين
قال تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)
فسقط في أول إمتحان له وزال ذلك القناع المزيف وتبين للملائكة أن ذلك العابد ما هو إلا شيطان رجيم عبد الله طوال هذه السنين من حيث يريد هو لا من حيث يريد الله فلما أن أبان الله زيف تلك العبادة لملائكته ولآدم عليه السلام أمره أن يتخذ إبليس عدوا له ولا يطيعه في أي أمر ثم أهبط إبليس إلى الأرض بعد أن كافأه على عباداته بطول العمر حيث لا مكان لعاص في الجنة فحقد على آدم وآلى على نفسه أن يغويه لإخراجه من الجنة ليتمكن من إغواء ذريته ليخرجهم من نور الإيمان إلى ظلمات الجهل ففكر في الكيفية التي يتمكن فيها من الوصول لآدم وإغوائه فآدم في الجنة وهو على أرض الدنيا ولا يمكنه الوصول إلى الجنة إلا إذا تلبس في كائن حي من غير جنسه فتلبس في جلد حية ودخل الجنة ليبدأ الصراع بين خليفة الله وعدو الله
قال تعالى (وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) (البقرة آية 35)
فبدأ يوسوس لآدم وزوجه بأن يأكلا من تلك الشجرة التي نهاهما الله عن الإقتراب منها ليكونا من الخالدين في الجنة منعمين بنعيمها الدائم
فنسيا أمر الله لهما واقتربا من الشجرة بإغواء من إبليس وتذوقا شيئا من ثمرها فبدت لهما سوآتهما وأخذا يقصفان عليهما من ورق الجنة ليجعلاه سترا لسوآتهما وعلما أن تلك الحية ما هي إلا إبليس قد تلبس بلباس حية وجاء ليخرجهما من الجنة فندما على طاعتهم له واستغفرا ربهم وعاهداه بأن لا يكونا إلعوبة في يد الشطان بعد هذه الحادثة فأخرجهما الله من الدنيا وأهبطهما إلى الأرض وقبل توبتهما ولم يتمكن إبليس من إغوائهما فعاهد نفسه أن يغوي ذريتهما ليهوي بهم إلى دركات الجحيم فأطاعوه ذوي النفوس الضعيفة وصاروا من جنوده وعصوه ذوي النفوس المطمئنة بمعرفة ربهم
ومن هنا صار الصراع بين جنود الله المؤمنين وجنود الشيطان الكافرين فسالت الدماء على هذه الأرض وأول جريمة أرتكبت بإغواء من إبليس ما فعله قابيل بأخيه هابيل حسدا منه على تقبل الله من أخيه قربانه ولم يتقبل منه وكانت أول جريمة قتل حدثت على هذه الأرض بين بني آدم ومن ثم توالى الصراع بين الحق والباطل وبقي محتدما حتى يوم الناس هذا وسيبقى كذلك إلى أن يأذن الله بخروج المصلح الذي يقيم العدل على ربوع الأرض ويزيل الظلم والجور منها ليهنأ الخلق بطاعة الله الواحد الأحد